ـــ الحديثُ الصحيح :
هو ما دَارَ على عَدْلً مُتْقِنٍ واتَّصَل سَنَدُه . فإن كان مُرسَلاً ففي الاحتجاج به اختلاف .
وزاد أهلُ الحديث : سلامتَهُ من الشذوذِ والعِلَّة . وفيه نظر على مقتضى نظر الفقهاء ، فإنَّ كثيراً من العِلَل يأبَوْنها .
فالمجُمْعُ على صِحَّتِه إذاً : المتصلُ السالمُ من الشذوذِ والعِلَّة ، وأنْ يكون رُواتُه ذوي ضَبْطٍ وعدالةٍ وعدمِ تدليس .
2ـــ الحَسَن :
وفي تحرير معناه اضطراب ، فقال الخَطَّابيُّ رحمه الله : هو ما عُرِفَ مَخْرجُه واشتَهَر رجالُه ، وعليه مَدارُ أكثرِ الحديث ، وهو الذي يَقبَلُه
أكثرُ العلماء ، ويَستعملُه عامَّة الفقهاء .( 1)
وهذه عبارةُ ليسَتْ على صِناعة الحدودِ و التعريفات ، إذْ الصحيحُ يَنطَبقُ ذلك عليه أيضاً ، لكنْ مُرادُه مما لم يَبْلُغ درجةَ الصحيح .
فأقولُ : الحَسَنُ ما ارتَقَى عن درجة الضعيف ، ولم يَبلغ درجةَ الصحة .
وإن شِئتَ قلت : الحَسَنُ ما سَلِمَ من ضعفِ الرٌّواة . فهو حينئذ داخل في قسم الصحيح .
وحينئذ ، يكونُ الصحيحُ مراتب كما قدَّمناه ، والحسَنُ ذا رتُبةٍ دُونَ تلك المراتب ، فجاء الحسَنُ مثلاً في آخِرِ مراتب الصحيح .
3ـــ الضعيف :
ما نَقَص عن درجة الحَسَن قليلاً .
ومن ثَمَّ تُردَّدَ ، في حديثِ أُنَاسٍ ، هل بَلَغ حديثُهم إلى درجةِ الحَسَنِ أم لا ؟.
وبلا ريبٍ فخَلْقُ كثيرُ من المتوسطين في الرَّوايةِ بهذه المثابة .
فآخِرُ مراتب الحَسَنِ هي أول مراتب الضَّعيف .
أعني : الضعيفِ الذي في (( السُّنَن )) وفي كتب الفقهاء ورُواتُه ليسوا بالمتروكين ، كابن لَهِيعَة ، وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم ، وأبي بكر بن
أبي مريم الحمصي ، وفَرَج بن فَضَالة ، ورِشْدين ، وخلقٍ كثير .
4ـــ المطروح :
ما ا نحطَّ عن رُتبة الضعيف .
ويُروَى في بعض المسانيد الطِّوال وفي الأجزاء ، وفي (( سنن ابن ماجَهْ )) و (( جامع أبي عيسى )) .
مثلُ عَمْرِو بن شَمِر ، عن جابر الجُعفي ، عن الحَارِث ، عن عليّ .
وكصَدَقَة الدَّقِيقي ، عن فَرْقَدٍ السَّبَخي ، عن مُرَّةَ الطَّيَب ، عن أبي بكْر.
وجُوَيْبِر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس .
وحفص بن عُمَر العَدَني ، عن الحكَم بن أبان ، عن عكرمة .
وأشباهُ ذلك من المتروكين ، والهَلْكَى ، وبعضهم أفضل من بعض .
5ـــ الموضوع :
ما كان مَتْنُه مخالفاً للقواعد ، وراويه كذَّاباً ، كالأربعين الوَدْعانيَّة ، وكنسخةِ عليّ الرِّضَا المكذوبةِ عليه .
وهو مراتب ، منه :
ما اتفقوا على أنه كَذِب . ويُعرَفُ ذلك بإقرار واضعِه ، وبتجربةِ الكذبِ منه ، ونحوِ ذلك .
ومنه : ما الأكثرون على أنه موضوع ، والآخَرُون يقولون : هو حديثٌ ساقطٌ مطروح ، ولا نَجسُرُ أن نُسمَّيَه موضوعاً .
6ـــ المرسل :
عَلَمُ على ما سَقَط ذكرُ الصحابي من إسناده ، فيقول التابعيُّ : قال رسول الله .
ويقع في المراسيل الأنواعُ الخمسةُ الماضية ، فمن صِحاح المراسيل :
مرسَلُ سعيد بن المسيَّب
و : مرسَل مسروق .
و : مرسَلُ الصُّنَابِحِي .
و : مرسَلُ قيس بن أبي حازم ، ونحوُ ذلك .
فإنَّ المرسَل إذا صَحَّ إلى تابعيّ كبير ، فهو حُجَّة عند خلق من الفقهاء .
فإن كان في الرُّوَاةِ ضَعيْفُ إلى مثلِ ابن المسيَّب ، ضَعُفَ الحديثُ من قِبَلِ ذلك الرجل ، وإن كان متروكاً ، أو ساقطاً : وهن الحديثُ وطُرحِ .
7ـــ المُعْضَـل :
هو ما سَقَط من إسنادِه اثنانِ فصاعداً .
8 ـــ وكذلك المنقطِع :
فهذا النوعُ قلَّ من احتَجَّ به .
وأجوَدُ ذلك ما قال فيه مالكُ : بلَغَنِي أنَّ رسولَ الله قال : كذا وكذا . فإنَّ مالكاً متثِّبتٌ ، فلعلَّ بلاغاتهِ أقوى من مراسَيل مِثل حُمَيد ، و قتادة .
9ـــ الموقوف :
هو ما أُسنِدَ إلى صحابيّ من قولهِ أو فعِله .
10ـــ ومُقابِلُهُ المرفوع :
وهو ما نُسِبَ إلى النبيّ من قولِه أو فعلِه .
11ـــ المتصل :
ما اتَّصَل سَنَدُه ، وسَلِمَ من الانقطاع ، ويَصدُق ذلك على المرفوع والموقوف .
12ـــ المُسْنَد :
هو ما اتصل سَنَدُه بذكرِ النبي .
وقيل : يَدخُلُ في المسند كلُّ ما ذُكِرَ فيه النبيُّ وإن كان في أثناءِ
سَنَدِه انقطاع .
13ـــ الشاذّ
هو ما خالف راويه الثقاتِ ، أو ما انفَرَد به من لا يَحتمِلُ حالُه قبولَ تفرُّدِه .
14ـــ المنـكَر :
وهو ما انفرد الراوي الضعيفُ به . وقد يُعَدُّ مُفْرَدُ الصَّدُوقِ منكَراً .
15ـــ الغريب :
ضِدُّ المشهور .
فتارةً ترجعُ غرابتُه إلى المتن ، وتارةً إلى السَّنَد .
والغريبُ صادقُ على ما صَحَّ ، وعلى ما لم يصحّ ، والتفرُّدُ يكونُ لما انْفَرَدَ به الراوي إسناداً أو متناً ، ويكونُ لما تَفَرَّدَ به عن شيخٍ معيَّن ، كما يقال لم يَروِه عن سفيان إلا ابنُ مَهْدِي ، ولم يَروِه عن ابن جريج إلا ابنُ المبارك .
16ـــ المُسَلْسَل :
ما كان سَنَدُه على صِفةٍ واحدةٍ في طبقاته . كما سُلْسِلَ بسَمِعتُ ،
أو كما سُلْسِلَ بالأوليَّة إلى سُفْيَان .
وعامَّة المسلسلاتِ واهِية ، وأكثُرها باطِلةٌ ، لكذبِ رُواتها . وأقواها المُسَلْسَلُ بقراءة سُورة الصَّفّ ، والمسلسَلُ بالدمشقيين ، والمسلسَلُ
بالمصريين ، والمسلسَلُ بالمحمَّدِين إلى ابن شِهاب .
17ـــ المُعَنْعن :
ما إسنادُه فلانُ عن فلان .
فمن الناس من قال : لا يَثْبُتُ حتى يَصِحَّ لقاءُ الراوي بشيخه يوماً مّا ، ومنهم من اكتَفَى بمجرَّد إمكان اللُّقِيّ ، وهو مذهَبُ مُسْلمِ وقد بالَغَ في الردَ على مخالِفِه .
ثم بتقدير تَيِقُّن اللقاء ، يُشتَرَطُ أن لا يكون الراوي عن شيخِهِ مُدَلَساً ، فإن لم يكن حملناه على الاتصال ، فإن كان مُدَلّساً ، فالأظهِرُ أنه لا يحمَلُ على السماع .
ثم إن كان المدلَسُ عن شيخِه ذا تدليسٍ عن الثقات فلا بأس ، وإن
كان ذا تدليسٍ عن الضعفاءِ فمردود.
18ـــ المُدَلَّس :
ما رواه الرجل عن آخَر ولم يَسمعه منه ، أو لم يُدركه .
فإن صَرَّح بالاتصال وقال : حدَّثنا ، فهذا كذَّاب ، وإن قال : عن ، احتُمِلَ ذلك ، ونُظِرَ في طبقِتِه هل يُدرِكُ من هو فوقَهُ ؟ فإن كان لَقِيَه فقد قرَّرناه ، وإن لم يكن لَقِيَه فأمكن أن يكون مُعاصِرَه ، فهو محلُّ تردُّد ، وإن لم يُمكِن فمنقطِع ، كقتادة عن أبي هريرة .
وحُكْمُ ( قال ) : حُكمُ ( عن ) . ولهم في ذلك أغراض :
فإن كان لو صَرّحَ بمن حَدَّثه عن المسمىَ ، لعُرِفَ ضَعْفُه ، فهذا غَرَضّ مذموم وجِنايةُ على السُّـنُّة ، ومن يُعاني ذلك جُرِحَ به ، فإنَّ الدينَ النصيحة .
وإن فَعَلهُ طَلَباً للعلو فقط ، أو إيهاماً بتكثير الشيوخ ، بأن يُسمَي الشيخَ مرَّةً ويُكَنَّيه أخرى ، وَيَنْسُبَه إلى صَنْعةٍ أو بلدٍ لا يكادُ يُعرَف به ، وأمثالَ ذلك ، كما تقولُ : حدَّثَنا البُخَاريُّ ، وتَقصِدُ به من يُبَخَّرُ الناس ، أو : حدَّثنا عليُّ بما وراءَ النهر ، وتعني به نهراً ، أو حَدَّثنا بزَبِيد ، وتُرِيد موضعاً بقُوص ، أو : حدَّثنا بحَرَّان ، وتُريدُ قريةَ المَرْج ، فهذا مُحْتَمَل ، والوَرَعُ تركُه .
19ـــ المضطرب والمُعَلَّل :
ما رُوي على أوجهٍ مختلِفة ، فَيعتلُّ الحديث .
فإن كانت العِلّةُ غيرَ مؤثًرة ، بأن يَرويَه الثَّبْتُ على وجهٍ ، ويُخالِفَه واهٍ ، فليس بمَعْلُول . وقد ساق الدارقطنيُّ كثيراً من هذا النمط في (( كتاب العِلَل )) ، فلم يُصِب ، لأنَّ الحُكم للثَّبْت .
فإن كان الثَّبْتُ أرسَلَه مثلاً ، والواهي وصَلَه ، فلا عبرة بوصلِه لأمرين : لضعفِ راويه ، ولأنه معلولّ بإرسال الثَّبْت له .
ثم اعلم أنَّ أكثَرَ المتكلَّمِ فيهم ، ما ضعَّفهم الحُفَّاظُ إلا لمخالفتهم للأثبات.
وإن كان الحديثُ قد رَوَاه الثَّبْتُ بإسناد ، أو وَقَفَه ، أو أَرسَلَه ، ورفقاؤه الأثباتُ يُخالفونه ، فالعبِرةُ بما اجتَمَع عليه الثقات ، فإنَّ الواحد قد يَغلَط . وهنا قد ترجَّع ظهورُ غَلَطِه فلا تعليل ، والعِبرةُ بالجماعة .
وإن تساوَى العَدَدُ ، واختَلَف الحافظانِ ، ولم يترجَّح الحكمُ لأحِدهما على الآخر ، فهذا الضَّرْبُ يَسوقُ البخاريُّ ومسلمُ الوجهين ِ ـ منه ـ في كتابيهما . وبالأولَى سَوْقُهما لما اختَلَفا في لفظِهِ إذا أمكن
جَمْعُ معناه .
ومن أمثلة اختلاف الحافِظَينِ : أن يُسمَيَ أحدُهما في الإسناد ثقةً ، ويُبدِله الآخرُ بثقةٍ آخر أو يقولَ أحدُهما : عن رجل ، ويقولَ الآخرُ : عن فلان ، فيُسميَّ ذلك المبهَمَ ، فهذا لا يَضُرُّ في الصحة .
فأمَّا إذا اختَلَف جماعةُ فيه ، وأَتَوْا به على أقوالٍ عدًة ، فهذا يُوهِنُ الحديث ، ويَدُلُّ على أنَّ راوِيَه لم يُتقِنه .
20ـــ المُدْرَج :
هي ألفاظ تقعُ من بعض الرواة ، متصلةً بالمَتْن ، لا يبِينُ للسامع إلا أنها من صُلْبِ الحديث ، ويَدلُّ دليلُ على أنها من لفظِ راوٍ ، بأن يأتيَ الحديثُ من بعضِ الطرق بعبارةٍ تَفْصِلُ هذا من هذا.
وهذا طريقّ ظنيّ ، فإنْ ضَعُفَ توقَّفْنا أو رجَّحْنا أنها من المتن ،
ويَبْعُدُ الإدراجُ في وسط المتن ، كما لو قال : (( من مَسَّ أُنْثَيْيِه وذكَرَهُ
فلْيتوضأ )) .
وقد صنَّف فيه الخطيب تصنيفاً ، وكثيرُ منه غيرُ مُسلَّم له إدراجُه .
21ــــ ألفاظُ الأداء :
فـ ( حدَّثَنا ) و ( سَمِعتُ ) لِمَا سُمِع من لفظ الشيخ . واصطُلِح
على أنَّ (حدَّثَني ) لِمَا سَمِعتَ منه وحدَك ، و (حدَّثَنا ) لِمَا سَمِعتَه معَ
غيرك . وبعضُهم سَوَّغ ( حدَّثَنا ) فيما قراه هو على الشيخ .
وأما ( أخبَرَنا ) فصادِقةٌ على ما سَمِع من لفظ الشيخ ، أو قرأه هو،
أو قرأه آخَرُ على الشيخِ وهو يَسمع . فلفظُ ( الإخبار ) أعمُّ من ( التحديث ) .
و ( أخبرني ) للمنفرِد . وسَوَّى المحققون كمالكٍ والبخاريِّ بين ( حدَّثنا )
و (أخبِرنا ) و ( سَمِعتُ ) ، والأمرُ في ذلك واسع .
فأمَّا ( أنبأنا ) و ( أنا ) فكذلك ، لكنها غلَبتْ في عُرف المتأخرين
على الإجازة . وقولُه تعالى : قالَتْ من أَنبأَك هذا قال: نَبَّأنيَ العليمُ
الخبير . دَالُّ على التَّساوِي . فالحديثُ والخبرُ والنَّبأُ مُترادِفاتُ .
وأما المغاربة فيُطلقون : ( أخبرَنا ) ، على ما هو إجازةُ ، حتى إنَّ
بعضهم يُطلقُ في الإجازة ! : ( حدَّثَنا ) . وهذا تدليس . ومن الناس من
عَدَّ ( قال لنا ) إِجازَةً ومُناوَلةً .
22ــــ المقلوب :
هو ما رواه الشيخُ بإسنادٍ لم يكن كذلك ، فيَنقلِبُ عليه ويَنُطُّ من
إسنادِ حديثٍ إلى مَتْنٍ آخَرَ بعدَه . أو : أن يَنقلِبَ عليه اسمُ راوٍ مثْلُ
( مُرَّة بن كعب ) بـ (كعب بن مُرَّة ، و (سَعْد بن سِنان ) بـ (سِنَان
بن سَعْد ) .
فمن فعَلَ ذلك خطأً فقريب ، ومن تعمَّد ذلك وركَّبَ متناً على
إسنادٍ ليس له ، فهو سارقُ الحديث ، وهو الذي يقال في حَقَّه : فلانُ
يَسرِقُ الحديث . ومن ذلك أن يَسِرقَ حديثاً ما سَمِعَه ، فيدَّعِيَ سماعَهُ من
رجل .
23ـ المُؤْتلفِ والمختلِف :
فَنٌّ واسعٌ مهم ، وأهمُّه ما تكرَّر وكَثُر ، وقـد يَنْدُرُ كأَجْمَـد بن
عُجْيَان ، وآبِي اللَّحْم ، وابنِ أَتَشٍ الصَّنْعَاني ، ومحمد بن عَبَادَة الواسِطي العِجْلي ، ومحمد بن حُبَّان الباهِلي وشُعَيثِ بن مُحَرَّر .
والله أعلم
اذا فان درجات اسناد الحديث باختصار هى
1ـ الحديث الصحيح
2ـ الحسن
3ـ الضعيف
4ـ المطروح
5ـ الموضوع
6ـ المرسَلُ
7ـ المُعْضَل
8ـ المنقطِع
9ـ الموقوف
10ـ المرفوع
11ـ المتصل
12ـ المُسْنَد
13ـ الشاذّ
14ـ المنكَر
15ـ الغريب
16ـ المُسَلْسَل
17ـ المُعَنْعَن
18ـ المُدَلَّس
19ـ المضطرب والمُعَلَّل
20ـ المُدْرَج
21ـ ألفاظُ الأداء
22ـ المقلوب
23ـ المؤتِلف والمختِلف
المُـوْقِظَـةُ
في علم مصطلح الحـديث
للإمام الحافظ المؤرخ
شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي
673 ـ 748 هـ
رحمه الله تعالى
هو ما دَارَ على عَدْلً مُتْقِنٍ واتَّصَل سَنَدُه . فإن كان مُرسَلاً ففي الاحتجاج به اختلاف .
وزاد أهلُ الحديث : سلامتَهُ من الشذوذِ والعِلَّة . وفيه نظر على مقتضى نظر الفقهاء ، فإنَّ كثيراً من العِلَل يأبَوْنها .
فالمجُمْعُ على صِحَّتِه إذاً : المتصلُ السالمُ من الشذوذِ والعِلَّة ، وأنْ يكون رُواتُه ذوي ضَبْطٍ وعدالةٍ وعدمِ تدليس .
2ـــ الحَسَن :
وفي تحرير معناه اضطراب ، فقال الخَطَّابيُّ رحمه الله : هو ما عُرِفَ مَخْرجُه واشتَهَر رجالُه ، وعليه مَدارُ أكثرِ الحديث ، وهو الذي يَقبَلُه
أكثرُ العلماء ، ويَستعملُه عامَّة الفقهاء .( 1)
وهذه عبارةُ ليسَتْ على صِناعة الحدودِ و التعريفات ، إذْ الصحيحُ يَنطَبقُ ذلك عليه أيضاً ، لكنْ مُرادُه مما لم يَبْلُغ درجةَ الصحيح .
فأقولُ : الحَسَنُ ما ارتَقَى عن درجة الضعيف ، ولم يَبلغ درجةَ الصحة .
وإن شِئتَ قلت : الحَسَنُ ما سَلِمَ من ضعفِ الرٌّواة . فهو حينئذ داخل في قسم الصحيح .
وحينئذ ، يكونُ الصحيحُ مراتب كما قدَّمناه ، والحسَنُ ذا رتُبةٍ دُونَ تلك المراتب ، فجاء الحسَنُ مثلاً في آخِرِ مراتب الصحيح .
3ـــ الضعيف :
ما نَقَص عن درجة الحَسَن قليلاً .
ومن ثَمَّ تُردَّدَ ، في حديثِ أُنَاسٍ ، هل بَلَغ حديثُهم إلى درجةِ الحَسَنِ أم لا ؟.
وبلا ريبٍ فخَلْقُ كثيرُ من المتوسطين في الرَّوايةِ بهذه المثابة .
فآخِرُ مراتب الحَسَنِ هي أول مراتب الضَّعيف .
أعني : الضعيفِ الذي في (( السُّنَن )) وفي كتب الفقهاء ورُواتُه ليسوا بالمتروكين ، كابن لَهِيعَة ، وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم ، وأبي بكر بن
أبي مريم الحمصي ، وفَرَج بن فَضَالة ، ورِشْدين ، وخلقٍ كثير .
4ـــ المطروح :
ما ا نحطَّ عن رُتبة الضعيف .
ويُروَى في بعض المسانيد الطِّوال وفي الأجزاء ، وفي (( سنن ابن ماجَهْ )) و (( جامع أبي عيسى )) .
مثلُ عَمْرِو بن شَمِر ، عن جابر الجُعفي ، عن الحَارِث ، عن عليّ .
وكصَدَقَة الدَّقِيقي ، عن فَرْقَدٍ السَّبَخي ، عن مُرَّةَ الطَّيَب ، عن أبي بكْر.
وجُوَيْبِر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس .
وحفص بن عُمَر العَدَني ، عن الحكَم بن أبان ، عن عكرمة .
وأشباهُ ذلك من المتروكين ، والهَلْكَى ، وبعضهم أفضل من بعض .
5ـــ الموضوع :
ما كان مَتْنُه مخالفاً للقواعد ، وراويه كذَّاباً ، كالأربعين الوَدْعانيَّة ، وكنسخةِ عليّ الرِّضَا المكذوبةِ عليه .
وهو مراتب ، منه :
ما اتفقوا على أنه كَذِب . ويُعرَفُ ذلك بإقرار واضعِه ، وبتجربةِ الكذبِ منه ، ونحوِ ذلك .
ومنه : ما الأكثرون على أنه موضوع ، والآخَرُون يقولون : هو حديثٌ ساقطٌ مطروح ، ولا نَجسُرُ أن نُسمَّيَه موضوعاً .
6ـــ المرسل :
عَلَمُ على ما سَقَط ذكرُ الصحابي من إسناده ، فيقول التابعيُّ : قال رسول الله .
ويقع في المراسيل الأنواعُ الخمسةُ الماضية ، فمن صِحاح المراسيل :
مرسَلُ سعيد بن المسيَّب
و : مرسَل مسروق .
و : مرسَلُ الصُّنَابِحِي .
و : مرسَلُ قيس بن أبي حازم ، ونحوُ ذلك .
فإنَّ المرسَل إذا صَحَّ إلى تابعيّ كبير ، فهو حُجَّة عند خلق من الفقهاء .
فإن كان في الرُّوَاةِ ضَعيْفُ إلى مثلِ ابن المسيَّب ، ضَعُفَ الحديثُ من قِبَلِ ذلك الرجل ، وإن كان متروكاً ، أو ساقطاً : وهن الحديثُ وطُرحِ .
7ـــ المُعْضَـل :
هو ما سَقَط من إسنادِه اثنانِ فصاعداً .
8 ـــ وكذلك المنقطِع :
فهذا النوعُ قلَّ من احتَجَّ به .
وأجوَدُ ذلك ما قال فيه مالكُ : بلَغَنِي أنَّ رسولَ الله قال : كذا وكذا . فإنَّ مالكاً متثِّبتٌ ، فلعلَّ بلاغاتهِ أقوى من مراسَيل مِثل حُمَيد ، و قتادة .
9ـــ الموقوف :
هو ما أُسنِدَ إلى صحابيّ من قولهِ أو فعِله .
10ـــ ومُقابِلُهُ المرفوع :
وهو ما نُسِبَ إلى النبيّ من قولِه أو فعلِه .
11ـــ المتصل :
ما اتَّصَل سَنَدُه ، وسَلِمَ من الانقطاع ، ويَصدُق ذلك على المرفوع والموقوف .
12ـــ المُسْنَد :
هو ما اتصل سَنَدُه بذكرِ النبي .
وقيل : يَدخُلُ في المسند كلُّ ما ذُكِرَ فيه النبيُّ وإن كان في أثناءِ
سَنَدِه انقطاع .
13ـــ الشاذّ
هو ما خالف راويه الثقاتِ ، أو ما انفَرَد به من لا يَحتمِلُ حالُه قبولَ تفرُّدِه .
14ـــ المنـكَر :
وهو ما انفرد الراوي الضعيفُ به . وقد يُعَدُّ مُفْرَدُ الصَّدُوقِ منكَراً .
15ـــ الغريب :
ضِدُّ المشهور .
فتارةً ترجعُ غرابتُه إلى المتن ، وتارةً إلى السَّنَد .
والغريبُ صادقُ على ما صَحَّ ، وعلى ما لم يصحّ ، والتفرُّدُ يكونُ لما انْفَرَدَ به الراوي إسناداً أو متناً ، ويكونُ لما تَفَرَّدَ به عن شيخٍ معيَّن ، كما يقال لم يَروِه عن سفيان إلا ابنُ مَهْدِي ، ولم يَروِه عن ابن جريج إلا ابنُ المبارك .
16ـــ المُسَلْسَل :
ما كان سَنَدُه على صِفةٍ واحدةٍ في طبقاته . كما سُلْسِلَ بسَمِعتُ ،
أو كما سُلْسِلَ بالأوليَّة إلى سُفْيَان .
وعامَّة المسلسلاتِ واهِية ، وأكثُرها باطِلةٌ ، لكذبِ رُواتها . وأقواها المُسَلْسَلُ بقراءة سُورة الصَّفّ ، والمسلسَلُ بالدمشقيين ، والمسلسَلُ
بالمصريين ، والمسلسَلُ بالمحمَّدِين إلى ابن شِهاب .
17ـــ المُعَنْعن :
ما إسنادُه فلانُ عن فلان .
فمن الناس من قال : لا يَثْبُتُ حتى يَصِحَّ لقاءُ الراوي بشيخه يوماً مّا ، ومنهم من اكتَفَى بمجرَّد إمكان اللُّقِيّ ، وهو مذهَبُ مُسْلمِ وقد بالَغَ في الردَ على مخالِفِه .
ثم بتقدير تَيِقُّن اللقاء ، يُشتَرَطُ أن لا يكون الراوي عن شيخِهِ مُدَلَساً ، فإن لم يكن حملناه على الاتصال ، فإن كان مُدَلّساً ، فالأظهِرُ أنه لا يحمَلُ على السماع .
ثم إن كان المدلَسُ عن شيخِه ذا تدليسٍ عن الثقات فلا بأس ، وإن
كان ذا تدليسٍ عن الضعفاءِ فمردود.
18ـــ المُدَلَّس :
ما رواه الرجل عن آخَر ولم يَسمعه منه ، أو لم يُدركه .
فإن صَرَّح بالاتصال وقال : حدَّثنا ، فهذا كذَّاب ، وإن قال : عن ، احتُمِلَ ذلك ، ونُظِرَ في طبقِتِه هل يُدرِكُ من هو فوقَهُ ؟ فإن كان لَقِيَه فقد قرَّرناه ، وإن لم يكن لَقِيَه فأمكن أن يكون مُعاصِرَه ، فهو محلُّ تردُّد ، وإن لم يُمكِن فمنقطِع ، كقتادة عن أبي هريرة .
وحُكْمُ ( قال ) : حُكمُ ( عن ) . ولهم في ذلك أغراض :
فإن كان لو صَرّحَ بمن حَدَّثه عن المسمىَ ، لعُرِفَ ضَعْفُه ، فهذا غَرَضّ مذموم وجِنايةُ على السُّـنُّة ، ومن يُعاني ذلك جُرِحَ به ، فإنَّ الدينَ النصيحة .
وإن فَعَلهُ طَلَباً للعلو فقط ، أو إيهاماً بتكثير الشيوخ ، بأن يُسمَي الشيخَ مرَّةً ويُكَنَّيه أخرى ، وَيَنْسُبَه إلى صَنْعةٍ أو بلدٍ لا يكادُ يُعرَف به ، وأمثالَ ذلك ، كما تقولُ : حدَّثَنا البُخَاريُّ ، وتَقصِدُ به من يُبَخَّرُ الناس ، أو : حدَّثنا عليُّ بما وراءَ النهر ، وتعني به نهراً ، أو حَدَّثنا بزَبِيد ، وتُرِيد موضعاً بقُوص ، أو : حدَّثنا بحَرَّان ، وتُريدُ قريةَ المَرْج ، فهذا مُحْتَمَل ، والوَرَعُ تركُه .
19ـــ المضطرب والمُعَلَّل :
ما رُوي على أوجهٍ مختلِفة ، فَيعتلُّ الحديث .
فإن كانت العِلّةُ غيرَ مؤثًرة ، بأن يَرويَه الثَّبْتُ على وجهٍ ، ويُخالِفَه واهٍ ، فليس بمَعْلُول . وقد ساق الدارقطنيُّ كثيراً من هذا النمط في (( كتاب العِلَل )) ، فلم يُصِب ، لأنَّ الحُكم للثَّبْت .
فإن كان الثَّبْتُ أرسَلَه مثلاً ، والواهي وصَلَه ، فلا عبرة بوصلِه لأمرين : لضعفِ راويه ، ولأنه معلولّ بإرسال الثَّبْت له .
ثم اعلم أنَّ أكثَرَ المتكلَّمِ فيهم ، ما ضعَّفهم الحُفَّاظُ إلا لمخالفتهم للأثبات.
وإن كان الحديثُ قد رَوَاه الثَّبْتُ بإسناد ، أو وَقَفَه ، أو أَرسَلَه ، ورفقاؤه الأثباتُ يُخالفونه ، فالعبِرةُ بما اجتَمَع عليه الثقات ، فإنَّ الواحد قد يَغلَط . وهنا قد ترجَّع ظهورُ غَلَطِه فلا تعليل ، والعِبرةُ بالجماعة .
وإن تساوَى العَدَدُ ، واختَلَف الحافظانِ ، ولم يترجَّح الحكمُ لأحِدهما على الآخر ، فهذا الضَّرْبُ يَسوقُ البخاريُّ ومسلمُ الوجهين ِ ـ منه ـ في كتابيهما . وبالأولَى سَوْقُهما لما اختَلَفا في لفظِهِ إذا أمكن
جَمْعُ معناه .
ومن أمثلة اختلاف الحافِظَينِ : أن يُسمَيَ أحدُهما في الإسناد ثقةً ، ويُبدِله الآخرُ بثقةٍ آخر أو يقولَ أحدُهما : عن رجل ، ويقولَ الآخرُ : عن فلان ، فيُسميَّ ذلك المبهَمَ ، فهذا لا يَضُرُّ في الصحة .
فأمَّا إذا اختَلَف جماعةُ فيه ، وأَتَوْا به على أقوالٍ عدًة ، فهذا يُوهِنُ الحديث ، ويَدُلُّ على أنَّ راوِيَه لم يُتقِنه .
20ـــ المُدْرَج :
هي ألفاظ تقعُ من بعض الرواة ، متصلةً بالمَتْن ، لا يبِينُ للسامع إلا أنها من صُلْبِ الحديث ، ويَدلُّ دليلُ على أنها من لفظِ راوٍ ، بأن يأتيَ الحديثُ من بعضِ الطرق بعبارةٍ تَفْصِلُ هذا من هذا.
وهذا طريقّ ظنيّ ، فإنْ ضَعُفَ توقَّفْنا أو رجَّحْنا أنها من المتن ،
ويَبْعُدُ الإدراجُ في وسط المتن ، كما لو قال : (( من مَسَّ أُنْثَيْيِه وذكَرَهُ
فلْيتوضأ )) .
وقد صنَّف فيه الخطيب تصنيفاً ، وكثيرُ منه غيرُ مُسلَّم له إدراجُه .
21ــــ ألفاظُ الأداء :
فـ ( حدَّثَنا ) و ( سَمِعتُ ) لِمَا سُمِع من لفظ الشيخ . واصطُلِح
على أنَّ (حدَّثَني ) لِمَا سَمِعتَ منه وحدَك ، و (حدَّثَنا ) لِمَا سَمِعتَه معَ
غيرك . وبعضُهم سَوَّغ ( حدَّثَنا ) فيما قراه هو على الشيخ .
وأما ( أخبَرَنا ) فصادِقةٌ على ما سَمِع من لفظ الشيخ ، أو قرأه هو،
أو قرأه آخَرُ على الشيخِ وهو يَسمع . فلفظُ ( الإخبار ) أعمُّ من ( التحديث ) .
و ( أخبرني ) للمنفرِد . وسَوَّى المحققون كمالكٍ والبخاريِّ بين ( حدَّثنا )
و (أخبِرنا ) و ( سَمِعتُ ) ، والأمرُ في ذلك واسع .
فأمَّا ( أنبأنا ) و ( أنا ) فكذلك ، لكنها غلَبتْ في عُرف المتأخرين
على الإجازة . وقولُه تعالى : قالَتْ من أَنبأَك هذا قال: نَبَّأنيَ العليمُ
الخبير . دَالُّ على التَّساوِي . فالحديثُ والخبرُ والنَّبأُ مُترادِفاتُ .
وأما المغاربة فيُطلقون : ( أخبرَنا ) ، على ما هو إجازةُ ، حتى إنَّ
بعضهم يُطلقُ في الإجازة ! : ( حدَّثَنا ) . وهذا تدليس . ومن الناس من
عَدَّ ( قال لنا ) إِجازَةً ومُناوَلةً .
22ــــ المقلوب :
هو ما رواه الشيخُ بإسنادٍ لم يكن كذلك ، فيَنقلِبُ عليه ويَنُطُّ من
إسنادِ حديثٍ إلى مَتْنٍ آخَرَ بعدَه . أو : أن يَنقلِبَ عليه اسمُ راوٍ مثْلُ
( مُرَّة بن كعب ) بـ (كعب بن مُرَّة ، و (سَعْد بن سِنان ) بـ (سِنَان
بن سَعْد ) .
فمن فعَلَ ذلك خطأً فقريب ، ومن تعمَّد ذلك وركَّبَ متناً على
إسنادٍ ليس له ، فهو سارقُ الحديث ، وهو الذي يقال في حَقَّه : فلانُ
يَسرِقُ الحديث . ومن ذلك أن يَسِرقَ حديثاً ما سَمِعَه ، فيدَّعِيَ سماعَهُ من
رجل .
23ـ المُؤْتلفِ والمختلِف :
فَنٌّ واسعٌ مهم ، وأهمُّه ما تكرَّر وكَثُر ، وقـد يَنْدُرُ كأَجْمَـد بن
عُجْيَان ، وآبِي اللَّحْم ، وابنِ أَتَشٍ الصَّنْعَاني ، ومحمد بن عَبَادَة الواسِطي العِجْلي ، ومحمد بن حُبَّان الباهِلي وشُعَيثِ بن مُحَرَّر .
والله أعلم
اذا فان درجات اسناد الحديث باختصار هى
1ـ الحديث الصحيح
2ـ الحسن
3ـ الضعيف
4ـ المطروح
5ـ الموضوع
6ـ المرسَلُ
7ـ المُعْضَل
8ـ المنقطِع
9ـ الموقوف
10ـ المرفوع
11ـ المتصل
12ـ المُسْنَد
13ـ الشاذّ
14ـ المنكَر
15ـ الغريب
16ـ المُسَلْسَل
17ـ المُعَنْعَن
18ـ المُدَلَّس
19ـ المضطرب والمُعَلَّل
20ـ المُدْرَج
21ـ ألفاظُ الأداء
22ـ المقلوب
23ـ المؤتِلف والمختِلف
المُـوْقِظَـةُ
في علم مصطلح الحـديث
للإمام الحافظ المؤرخ
شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي
673 ـ 748 هـ
رحمه الله تعالى
الأربعاء ديسمبر 07, 2011 3:14 pm من طرف الصمت الحـزين
» فتاه عزباء تنام مع شاب ليله كامله فى غرفه واحده
الأربعاء ديسمبر 07, 2011 2:08 pm من طرف الصمت الحـزين
» انا جيييت نورت المنتدى
الأربعاء ديسمبر 07, 2011 2:01 pm من طرف الصمت الحـزين
» (ساقطون بالخط العريض)
السبت ديسمبر 03, 2011 6:51 pm من طرف الصمت الحـزين
» الْحَيــَـآهـ مَدْرَسَهْـ وَالْج ـــرْح أَحَد فُصُولَهَا
السبت ديسمبر 03, 2011 6:33 pm من طرف الصمت الحـزين
» النساء اولاً
السبت ديسمبر 03, 2011 6:22 pm من طرف الصمت الحـزين
» تمسك بخيوط الشمس
الأربعاء أغسطس 17, 2011 7:08 am من طرف admin
» بصمات تبكيني دما لا دمعا
الأربعاء أغسطس 17, 2011 7:04 am من طرف احساس طفلة
» قصة الفيلسوف والديك
الخميس يونيو 16, 2011 1:35 am من طرف admin