بســـم الله الرحمــن الرحيم
(( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ التِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي
إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِن اللهَ سَمِيعٌ
بَصِيرٌ(1) الذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم من نسَائِهِم ما هُن أُمهَاتِهِمْ
إِنْ أُمهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنهُمْ لَيَقُولُونَ
مُنكَراً منَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِن اللهَ لَعَفُو غَفُورٌ(2)
وَالذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نسَائِهِمْ ثُم يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ من قَبْلِ أَن يَتَمَاسا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ
وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(3) فَمَن لمْ يَجِدْ فَصِيَامُ
شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسا فَمَن لمْ
يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ
وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ(4)
)) (المجادلة).
صدق الله العظيم
***************
أهلى وناسى وأصدقائى الأعزاء
هذه الآية الكريمة نزلت فى شأن الصاحبة الجليلة .. وصاحبة سيرتنا فى هذه الجمعة المباركة ..
وهذه السيدة صاحبة فضل ممتد على سائر المسلمين من الرجال والنساء سواء
بسواء، كانت سببا وراء تحريم عادة الظهار التي انتشرت أيام الجاهلية.
سمعها الله تبارك وتعالى وهي تشكو حالها إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بعد أن تقدم بها العمر وتولى عنها قطار الشباب.
كانت طوال حياتها مثالا للزوجة الوفية المخلصة، ترعى شأن بيتها وتؤدي
واجبها تجاه زوجها وتبذل قصارى جهدها من اجل تربية أبنائها، وبعد هذا كله
ينتهي الحال إلى هذا المصير.
وكان الرجل إذا قال لزوجته هذه الكلمات حرمت عليه، فاستجاب الله لندائها
ودعائها، وانزل فيها 4 آيات كريمات تتلى على الناس، تبين لهم الخطأ من
الصواب، والحلال من الحرام.
********
و صاحبة سيرتنا هى الصحابية الجليلة خولة بنت ثعلبة، ويقال خويلة، وخولة
أكثر. وقيل: خولة بنت حكيم، وقيل خولة بنت مالك بن ثعلبة بن أصرم بن فهر
بن ثعلبة.
وهى شديدة التقوى والخوف من الله وتحري الأحكام الشرعية
ويظهر ذلك من موقفها مع زوجها عندما أراد أن يجامعها؛ ففي ذات يوم حدث
حادث بين الزوجين السعيدين شجار بينهما، لم يستطع أي أحد منهما تداركه،
فقال لها أوس: أنت عليَّ كظهر أمي. فقالت: والله لقد تكلمت بكلام عظيم، ما
أدري مبلغه. ومظاهرة الزوج لزوجته تعني أن يحرمها على نفسه، وبذلك القسم
يكون قد تهدم البيت الذي جمعهما سنين طويلة، وتشتت الحب والرضا اللذين
كانا ينعمان بهما.
وسلم كل منهما للواقع بالقسم الجاهلي الذي تلفظ به الزوج لزوجته، ولكن بعد
التفكير العميق الذي دار في رأس خولة، قررت أن تذهب إلى رسول الله ، وكيف
لا وهي تعيش في مدينته، وهي قريبة منه وبجواره. وعندما ذهبت إليه وروت
المأساة التي حلت بعش الزوجية السعيد، طلبت منه أن يفتيها كي ترجع إلى
زوجها، ويعود البيت الهانئ لما كان عليه دومًا في السابق، ويلتم شمل
الأسرة السعيدة.
*****
وهى جريئة فى الحق ونرى ذلك في حوارها مع عمر بن الخطاب ، فقد خرج عمر من
المسجد ومعه الجارود العبدي، فإذا بامرأة برزت على ظهر الطريق، فسلم عليها
عمر فردت عليه السلام، وقالت: هيهات يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميرًا في
سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر، ثم لم تذهب
الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف
الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف الموت خشي عليه الفوت.
فقال الجارود: قد أكثرت أيتها المرأة على أمير المؤمنين. فقال عمر: دعها،
أما تعرفها، فهذه خولة بنت حكيم امرأة عبادة بن الصامت التي سمع الله
قولها من فوق سبع سموات، فعمر والله أحق أن يسمع لها.
*****
وعن بلاغة خولة بنت ثعلبة وفصاحة لسانها تبين ذلك من خلال موقفها مع رسول
الله عندما جادلته بعد أن ظنت أنها ستفترق عن زوجها، وتبيينها سلبيات هذا
التفريق على الأولاد والبيت.
ومن مواقفها مع الرسول .. فإن لخولة بنت ثعلبة -رضي الله عنها- حوارا قد
تجلى فيه قمة التأدب مع الرسول والمراقبة والخوف من الله ؛ وهو ما كان
يهدف الوصول إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وهو( حوار الظهار).
*****
عن خولة بنت ثعلبة قالت: فيَّ والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة
المجادلة. قالت: كنت عنده وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه. قالت: فدخل
عليَّ يومًا، فراجعته بشيء فغضب فقال: أنت عليَّ كظهر أمي. قالت: ثم خرج
فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل عليَّ فإذا هو يريدني عن نفسي. قلت: كلا
والذي نفس خولة بيده، لا تخلص إليَّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله
فينا بحكمه. قالت: فواثبني فامتنعت منه، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ
الضعيف، فألقيته عني. قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابًا،
ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله ، فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه،
وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه.
قالت: فجعل رسول الله يقول: "يا خويلة، ابن عمك شيخ كبير، فاتقي الله
فيه". قالت: فوالله ما برحت حتى نزل فيَّ قرآن، فتغشى رسول الله ما كان
يتغشاه ثم سري عنه، فقال لي: "يا خويلة، قد أنزل الله فيك وفي صاحبك
قرآنًا. ثم قرأ عليَّ {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ
فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ
تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ
مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ
إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ
الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ
يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ
بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ
شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ
أَلِيمٌ} [المجادلة: 1-4].
قالت: فقال لي رسول الله: "مريه فليعتق رقبة". فقلت يا رسول الله، ما عنده
ما يعتق. قال: "فليصم شهرين متتابعين". فقلت: والله إنه لشيخ كبير، ما به
من صيام. قال: "فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر". فقلت: والله يا رسول
الله، ما ذاك عنده. قالت: فقال رسول الله: "فإنا سنعينه بعرق من تمر".
فقلت يا رسول الله، وأنا سأعينه بعرق آخر. قال: "قد أصبت وأحسنت، فاذهبي
فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرًا". قالت: ففعلت.
ونخرج من قصة تلك الصحابية المباركة بعدة فوائد، منها:
أولاً: رأيها السديد في الامتناع عن معاشرة زوجها بعد أن قال: أنتِ عليَّ كظهر أمي؛ وضرورة معرفة حكم الدين في هذه القضية.
ثانيًا: رأيها السديد في الحرص على مستقبل وتماسك أسرتها، يتجلى ذلك في
قولها: "إن أوْسًا ظَاهَرَ مني، وإنا إن افترقنا هلكنا، وقد نثرت بطني
منه، وقدمت صحبته".
ثالثًا: رأيها السديد في رفع الأمر إلى النبي والذي بيده الأمر، ولولا
رجاحة عقل خولة، وحكمة تصرفها، وقوة رأيها لقعدت في بيتها تجتر الهموم حتى
تهلك هي وأسرتها، ولما كانت سببًا في نزول تشريع عظيم يشملها ويشمل
المسلمين والمسلمات جميعًا إلى يوم القيامة. وهذا التشريع العظيم هو: حل
مشكلة الظهار.
*****
ومن كلماتها يوم اليرموك .. وقد استقبل النساء من انهزم من سرعان الناس
يضربنهم بالخشب والحجارة، وجعلت خولة بنت ثعلبة تقول: يا هاربًا عن نسوة
تقيات.. فعن قليل ما ترى سبيات.. ولا حصيات ولا رضيات .
*****
رحم الله خولة بنت حكيم، صاحبة الفضل على كل من اعتنق الإسلام إلى يوم
الدين.. يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.ة سمع الله
شكواها من فوق سبع سماوات.. واللهم ألهم نسائنا وبناتنا قدوتها وجرأتها فى
الحق .. وشدة أيمانها ، وتقواها .. وبلغهن وبلغنا درجتها فى الجنان الأعلى
بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه .
(( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ التِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي
إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِن اللهَ سَمِيعٌ
بَصِيرٌ(1) الذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم من نسَائِهِم ما هُن أُمهَاتِهِمْ
إِنْ أُمهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنهُمْ لَيَقُولُونَ
مُنكَراً منَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِن اللهَ لَعَفُو غَفُورٌ(2)
وَالذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نسَائِهِمْ ثُم يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ من قَبْلِ أَن يَتَمَاسا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ
وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(3) فَمَن لمْ يَجِدْ فَصِيَامُ
شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسا فَمَن لمْ
يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ
وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ(4)
)) (المجادلة).
صدق الله العظيم
***************
أهلى وناسى وأصدقائى الأعزاء
هذه الآية الكريمة نزلت فى شأن الصاحبة الجليلة .. وصاحبة سيرتنا فى هذه الجمعة المباركة ..
وهذه السيدة صاحبة فضل ممتد على سائر المسلمين من الرجال والنساء سواء
بسواء، كانت سببا وراء تحريم عادة الظهار التي انتشرت أيام الجاهلية.
سمعها الله تبارك وتعالى وهي تشكو حالها إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بعد أن تقدم بها العمر وتولى عنها قطار الشباب.
كانت طوال حياتها مثالا للزوجة الوفية المخلصة، ترعى شأن بيتها وتؤدي
واجبها تجاه زوجها وتبذل قصارى جهدها من اجل تربية أبنائها، وبعد هذا كله
ينتهي الحال إلى هذا المصير.
وكان الرجل إذا قال لزوجته هذه الكلمات حرمت عليه، فاستجاب الله لندائها
ودعائها، وانزل فيها 4 آيات كريمات تتلى على الناس، تبين لهم الخطأ من
الصواب، والحلال من الحرام.
********
و صاحبة سيرتنا هى الصحابية الجليلة خولة بنت ثعلبة، ويقال خويلة، وخولة
أكثر. وقيل: خولة بنت حكيم، وقيل خولة بنت مالك بن ثعلبة بن أصرم بن فهر
بن ثعلبة.
وهى شديدة التقوى والخوف من الله وتحري الأحكام الشرعية
ويظهر ذلك من موقفها مع زوجها عندما أراد أن يجامعها؛ ففي ذات يوم حدث
حادث بين الزوجين السعيدين شجار بينهما، لم يستطع أي أحد منهما تداركه،
فقال لها أوس: أنت عليَّ كظهر أمي. فقالت: والله لقد تكلمت بكلام عظيم، ما
أدري مبلغه. ومظاهرة الزوج لزوجته تعني أن يحرمها على نفسه، وبذلك القسم
يكون قد تهدم البيت الذي جمعهما سنين طويلة، وتشتت الحب والرضا اللذين
كانا ينعمان بهما.
وسلم كل منهما للواقع بالقسم الجاهلي الذي تلفظ به الزوج لزوجته، ولكن بعد
التفكير العميق الذي دار في رأس خولة، قررت أن تذهب إلى رسول الله ، وكيف
لا وهي تعيش في مدينته، وهي قريبة منه وبجواره. وعندما ذهبت إليه وروت
المأساة التي حلت بعش الزوجية السعيد، طلبت منه أن يفتيها كي ترجع إلى
زوجها، ويعود البيت الهانئ لما كان عليه دومًا في السابق، ويلتم شمل
الأسرة السعيدة.
*****
وهى جريئة فى الحق ونرى ذلك في حوارها مع عمر بن الخطاب ، فقد خرج عمر من
المسجد ومعه الجارود العبدي، فإذا بامرأة برزت على ظهر الطريق، فسلم عليها
عمر فردت عليه السلام، وقالت: هيهات يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميرًا في
سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر، ثم لم تذهب
الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف
الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف الموت خشي عليه الفوت.
فقال الجارود: قد أكثرت أيتها المرأة على أمير المؤمنين. فقال عمر: دعها،
أما تعرفها، فهذه خولة بنت حكيم امرأة عبادة بن الصامت التي سمع الله
قولها من فوق سبع سموات، فعمر والله أحق أن يسمع لها.
*****
وعن بلاغة خولة بنت ثعلبة وفصاحة لسانها تبين ذلك من خلال موقفها مع رسول
الله عندما جادلته بعد أن ظنت أنها ستفترق عن زوجها، وتبيينها سلبيات هذا
التفريق على الأولاد والبيت.
ومن مواقفها مع الرسول .. فإن لخولة بنت ثعلبة -رضي الله عنها- حوارا قد
تجلى فيه قمة التأدب مع الرسول والمراقبة والخوف من الله ؛ وهو ما كان
يهدف الوصول إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وهو( حوار الظهار).
*****
عن خولة بنت ثعلبة قالت: فيَّ والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة
المجادلة. قالت: كنت عنده وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه. قالت: فدخل
عليَّ يومًا، فراجعته بشيء فغضب فقال: أنت عليَّ كظهر أمي. قالت: ثم خرج
فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل عليَّ فإذا هو يريدني عن نفسي. قلت: كلا
والذي نفس خولة بيده، لا تخلص إليَّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله
فينا بحكمه. قالت: فواثبني فامتنعت منه، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ
الضعيف، فألقيته عني. قالت: ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابًا،
ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله ، فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه،
وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه.
قالت: فجعل رسول الله يقول: "يا خويلة، ابن عمك شيخ كبير، فاتقي الله
فيه". قالت: فوالله ما برحت حتى نزل فيَّ قرآن، فتغشى رسول الله ما كان
يتغشاه ثم سري عنه، فقال لي: "يا خويلة، قد أنزل الله فيك وفي صاحبك
قرآنًا. ثم قرأ عليَّ {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ
فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ
تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ
مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ
إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ
الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ
يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ
بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ
شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ
أَلِيمٌ} [المجادلة: 1-4].
قالت: فقال لي رسول الله: "مريه فليعتق رقبة". فقلت يا رسول الله، ما عنده
ما يعتق. قال: "فليصم شهرين متتابعين". فقلت: والله إنه لشيخ كبير، ما به
من صيام. قال: "فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر". فقلت: والله يا رسول
الله، ما ذاك عنده. قالت: فقال رسول الله: "فإنا سنعينه بعرق من تمر".
فقلت يا رسول الله، وأنا سأعينه بعرق آخر. قال: "قد أصبت وأحسنت، فاذهبي
فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرًا". قالت: ففعلت.
ونخرج من قصة تلك الصحابية المباركة بعدة فوائد، منها:
أولاً: رأيها السديد في الامتناع عن معاشرة زوجها بعد أن قال: أنتِ عليَّ كظهر أمي؛ وضرورة معرفة حكم الدين في هذه القضية.
ثانيًا: رأيها السديد في الحرص على مستقبل وتماسك أسرتها، يتجلى ذلك في
قولها: "إن أوْسًا ظَاهَرَ مني، وإنا إن افترقنا هلكنا، وقد نثرت بطني
منه، وقدمت صحبته".
ثالثًا: رأيها السديد في رفع الأمر إلى النبي والذي بيده الأمر، ولولا
رجاحة عقل خولة، وحكمة تصرفها، وقوة رأيها لقعدت في بيتها تجتر الهموم حتى
تهلك هي وأسرتها، ولما كانت سببًا في نزول تشريع عظيم يشملها ويشمل
المسلمين والمسلمات جميعًا إلى يوم القيامة. وهذا التشريع العظيم هو: حل
مشكلة الظهار.
*****
ومن كلماتها يوم اليرموك .. وقد استقبل النساء من انهزم من سرعان الناس
يضربنهم بالخشب والحجارة، وجعلت خولة بنت ثعلبة تقول: يا هاربًا عن نسوة
تقيات.. فعن قليل ما ترى سبيات.. ولا حصيات ولا رضيات .
*****
رحم الله خولة بنت حكيم، صاحبة الفضل على كل من اعتنق الإسلام إلى يوم
الدين.. يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.ة سمع الله
شكواها من فوق سبع سماوات.. واللهم ألهم نسائنا وبناتنا قدوتها وجرأتها فى
الحق .. وشدة أيمانها ، وتقواها .. وبلغهن وبلغنا درجتها فى الجنان الأعلى
بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه .
الأربعاء ديسمبر 07, 2011 3:14 pm من طرف الصمت الحـزين
» فتاه عزباء تنام مع شاب ليله كامله فى غرفه واحده
الأربعاء ديسمبر 07, 2011 2:08 pm من طرف الصمت الحـزين
» انا جيييت نورت المنتدى
الأربعاء ديسمبر 07, 2011 2:01 pm من طرف الصمت الحـزين
» (ساقطون بالخط العريض)
السبت ديسمبر 03, 2011 6:51 pm من طرف الصمت الحـزين
» الْحَيــَـآهـ مَدْرَسَهْـ وَالْج ـــرْح أَحَد فُصُولَهَا
السبت ديسمبر 03, 2011 6:33 pm من طرف الصمت الحـزين
» النساء اولاً
السبت ديسمبر 03, 2011 6:22 pm من طرف الصمت الحـزين
» تمسك بخيوط الشمس
الأربعاء أغسطس 17, 2011 7:08 am من طرف admin
» بصمات تبكيني دما لا دمعا
الأربعاء أغسطس 17, 2011 7:04 am من طرف احساس طفلة
» قصة الفيلسوف والديك
الخميس يونيو 16, 2011 1:35 am من طرف admin