الرئيسية
أحدث الصور
أخر الأخبار 
من طرف بمقدار ما كان يوم مولده حدثاً سعدت به الارض وفرحت له
السماء واستبشرت له الملائكة وتبركت به الخلائق وكان يوم وفة النبي صلى
الله عليه وسلم حدثاً بكت من أجله الدنيا و حزنت عليه الخلائق في الأرض
والملائكة في السماء ..كانت وفاة النبي خبراً زلزل الدنيا وهز الأفلاك.
خبراً انقطعت به رسالات السماء إلى أهل الارض..خبراً أبت الاَذان أن تسمعه
والعقول أن تصدقه والألسنة أن تنطق به وتتناقله ..خبراً أبكى العيون وأدمى
القلوب وأطاح العقول ..خبراً خارت به العزائم وثقلت به الأفئدة ..كان
رحيله صلى الله عليه وسلم مصيبة كبرى عمت ليس بالمسلمين فحسب بل بأهل
الارض جميعاً ..إذ كان النبي بركة ورحمة للعالمين ..وما أرسلناك إلا رحمة
للعالمين..وبشرى وهداية للإنسانية كلها ..فهو خاتم النبيين والمرسلين..
فبعد أداء النبي صلى الله عليه وسلم لحجة الوداع نزل قول الله تعالى :"
اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" بدأت
نوبات المرض .. مرض سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ..حيث كانت تأتيه
نوبات حمى عنيفة تهز جسده الشريف.. هزاً يقول عنه لصحابته ورفاقه الكرام
:" إني لأعوك كما يوعك رجلان منكم".. إذ كانت شدة الام المرض على النبي
تفوق قوة الرجل العادي في الاحتمال .. وضرب النبي القدوة في مدى تحمله
للمرض والصبر عليه .. والاستسلام لقضاء الله والفرح بلقائه .. بعد ذلك نزل
قول الله تعالى :"إذا جاء نصر الله والفتح .." فإذا برسول الله يقول
لأصابه :" عبد خير بين أمرين ما عندكم وما عند الله فاختار ما عند الله
".. ففرح الصحابة ..إلا ان الصديق أبا بكر قد بكى .. فقالوا : أتبكي لأن
رسول الله خير بين أمرين .. فقال: والله أنه لنعي الله لرسوله.. " وبدأ
الألم يشتد على الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وسلامه ..ذلك الألم
الملعون الذي كان يعاوده من حين لاَخر منذ غزوة خيبر (لقمة خيبر المسمومة
).. التي كانت قد قدمتها له المرأة اليهودية أيام كانت بالمدينة .. حيث
أنطقها الله الذي أنطق كل شئ..فحين هم الرسول بأكلها ..قالت له :" لا
تأكلني يارسول الله لأني مسمومة " .. ورغم أن النبي قد لفظها فوراً .. ولم
تدخل فمه..إلا أنها للأسف قد لامست شفتيه الشريفتين.. وسرى القليل من السم
إلى جسده الشرف ..ومنذ ذلك الحين كان يعاوده الألم الذي قد كان قد ألم به
لسنوات قليلة قبل وفاته.. ففي مثل هذا الوقت من كل عام .. كانت تعاوده تلك
الالام .. حيث كانت تتقلب عليه نوبات الحمى المتقطعة ..إذ كان يقول بكل
حزن في كل مرة مع ذلك الالم :"يا عائشة إنها لقمة خيبر ".... إلا انه كان
يمتثل بدعائه لربه :" إن لم يكن بك سخط علي فلا أبلي ".. فكان من دواعي
ذلك إنزال الصبر في قلبه ليشتد ساعده في تبليغ دعوة ربه للناس .. ولذلك
قال بعض العلماء والأئمة بأن الله ما حرم رسوله الكريم من الشهادة عولوا
مرضه وموته على " لقمة خيبر "..
ويا عجباه .. يا ويلاه على من يتجرأ .. تسول له نفسه الكافرة .. بإلحاق
الأذى برسول الله .. حبيبي الرحمن وشفيعنا يوم العرض عليه يوم الدين
..سواء بالسحر أو بالسم .. فإذا كان السحرة ووكلاؤهم تنحشر أرواحهم في
حلوقهم فلا تفيض ولن تتوقف صرخاتهم ولن تخمد اّلامهم .. إلا بعد طلب العفو
والسماح عما أقترفوه في حق المتضررين من أذاهم بما حرم الله .. حيث كانوا
لا يعلمون بأن أعمارهم قد سرقت .. أغتيلت .. ما بين المرض والهم والغدر
والكدر .. إلا عندما يعترف هؤلاء السحرة ووكلاؤهم .. لحظة الاستغاثة
بهؤلاء المتضررين .. للصفح عنهم حتى تخرج أرواحهم المعلقة انتقاماً منهم
في الدنيا قبل الاَخرة بما في ذلك من فضحهم بسحرهم :" اليوم ننجيك ببدنك
لتكون لمن خلفك اّية "..
وإذا كان الله يتوعد من يقتلون النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ..
وحرم قتلها بأي صورة من صور الإيذاء .. بالسحر أو بالسم أو بغيرهما ..فهو
القائل سبحانه :" من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساًبغير
نفس أو فساداً في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا
الناس جميعا.."(المائدة الاَية 32).. "إن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات
بغير ما اكتسبوا فقد أحتملوا بهتانا و أثما مبينا" ( الأحزاب الاية 58 )..
فما بالنا بمن تجرءوا على إيذاء الرسول الكريم .. حبيب الرحمن .. رحمة
العالمين .. في الدنيا والاَخرة ::" إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم
الله في الدنيا والاخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً"( الاحزاب الاَية 57).."
إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فساداً أن يقتلوا أو
يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في
الدنيا ولهم فبي الاَخرة عذاب عظيم"( المائدة الاَية 33)..
جاءت وفاة النبي في ذلك اليوم الحزين .. بعد 63
عاما حافلة بحب الله و 40 منهم ايمانا خالصاً بالفطرة و 23 عاما بالنبوة
العامرة بالايمان واليقين والبرهان ,برحته المهداة للعالمين إلى ان تقوم
الساعة ..كان صلى الله عليه وسلم عاصباً رأسه دوماًمن شدة الالم الذي
يتألم منه .. كان يحارب من اجل خلوته بحبيبه سبحانه وتعالى حتى اخر لحظة
من عمره.. وذلك بالصلاة..إلا انه مع تزايد الالم..إزدادت نوبات الاغماء ..
وحين كان يفيق منها ولا يستطيع ان يقوم للوضوء والصلاة.. كان يدعو
متألماً:" اللهم أعني على سكرات الموت"و كان إذا نظر للسيدة عائشة .. تدمع
عيناه ويقول لها ولمن حولها ..:"أوصيكم بتقوى الله وعبادته.. وقد دنا
الأجل فقرءوا على انفسكم وعلى من دخل في دينكم السلام ورحمة الله .."حتى
جبريل عليه السلام قد قال له عند موتهصلى الله عليه وسلم أن الله قد قال
له :" بشر حبيبي أني لا أخذله في أمته .. وبشره أن الجنة محرمة على الأمم
حتى تدخلها أمته .. فقال الرسول الان قرت عيني .."ثم دخل عليه الفضل بن
العباس وقال سائلاً النبي رأيت مناماً "أن القمر قد صعد إلى السماء" فقال النبي صلى الله عليه وسلم .. هو معناه أن الوقت أقترب وأن ساعة موتي قد أقتربت واني سأموت ".
وعندما أشتدت نوبات الالم على النبي صلى الله عليه وسلم وبدأت تغيبه عن
الوعي لفترات أطول .. دخل عليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه حزيناً.. لا
يسمع صوته من كثرة نحيبه وبكائه على حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم ..
يشعر النبي أن أبا بكر يريد أن يسأل شيئاً لكنه لا يتحرج فيه ..فيقول له
النبي صلى الله عليه وسلم : سل يا أبا بكر فقال الصديق:" يا رسول الله دنا
الأجل ؟ فقال النبي قد دنا الأجل..فقال الصديق ليهنك يا نبي الله ما عند
الله فليت شعري عن منقلبنا .. فقال النبي إلى الله..إلى سدرة المنتهى
..إلى جنة الأوى والفردوس الأعلى ..ثم سأل الصديق باكياً:" يا رسول الله
من يلي غسلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم :رجال من أهل بيتي الأدنى
فالأدنى ..يقصد علياً رضي الله عنه..فقال الصديق يا حبيبي يا رفيق عمري
..ففيما نكفنك؟قال ثيابي هذهوفي حلة يمانية وفي بياض مصر ..فسأل الصديق
وقد أحتبس صوته بالبكاء : كيف الصلاة عليك منا يا حبيبي؟ وإذا بهم جميعاً
يبكون ..وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يقطع صمتهم :مهلاً غفر الله لكم
وجزاكم عن نبيكم خيراً.. إذا غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري في بيتي
هذا على شفير قبري ثم أخرجوا عني ساعة فإن أول من يصلي عليا هو الله عز
وجل ..ثم الملائكة وأول من يدخل علي جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم ملك
الموت وجنوده ثم الملائة جميعاً..ثم أنتم فأدخلو فصلوا علي زمرة زمرة
وسلموا تسليماً ولا تؤذوني بتزكية ولاصيحة ولارنة ..وليبدأ منكم الإمام
وأهل بيتي الأدنى فالآدنى ثم زمر النساء ثم زمر الصبيان ..فقال الصديق فمن
يدخل القبر يا رسول الله؟..قال النبي زمر من أأهل بيتي مع ملائكة كثيرة لا
ترونهم ويرونكم قوموا فأدوا عني إلى من بعدي ..
وفي صبيحة ذلك اليوم اليتيم.. كان سيد الخلق
أجمعين أكثر خفة.. فبدا وكأنه أفضل حالاً..فتفرق الرجال إلى منازلهموأخلوا
رسول الله عليه الصلاة والسلام بالنساء في حالة من الرجاء والفرح حتى
أستأذن عليهم ملك الموت بالدخول..حيث كان رأسه صلى الله عليه وسلم في حجر
السيدة عائشة .. فتنحت جانباً..وخرج من البيتحيث أمر صلى الله عليه وسلم
.. وناجى ذلك الملك طويلاً حتى خرج..فقال النبي لعائشة إن ذلك هو ملك
الموت ..جاء فقال لى إن الله عز وجل أرسلني وأمرني أن لا أدخل عليك إلا
بإذن فإن لم تأذن لي أرجع ..وإن أذنت قبضت روحك..كم هو مشتاق إليك ..فقلت
له:"أكففت عني حتى يأتي جبريل..
وجاء جبريل وقال له:"إن الله عز وجل يقرئك السلام وكيف تجدك وهو أعلم
بالذيتجد منك ولكن أراد أن يزيدك كرما وشرفاويتم كرامتك وشرفك على الخلق
وأن تكون سنة في أمتك فقال له النبي :أجدني وجعاً فقال جبريل :أبشر فإن
الله أراد أن يبلغك ما أعد لك فقال يا جبريل إن ملك الموت استأذن على
وأخبره الخبر.. فقال جبريل يا محمد إن ربك مشتاق أليك ألم يعلمك والذي بين
يديه والله مااستأذن على أحد.. ولا استأذن أبدا.. إن ربك يتم شرفك فهو
إليك مشتاق ..فقال له لا تبرح إذن حتى يجئ..ثم أقتربت منه عائشة ..فأخبرها
بما حدث.. ثم أذن للأخريات بالدخول ثانية .. وتوقف الكلام من عائشة
والمحيطين فكان صمت وزهول للحظات ولكنها دهراً ثقيلاً..حيث قالتعائشة فيما
بعد:"وكأنما ضربتا بصاخة ما يخير إليه شيئاً لم يتكلمأحد منهم إعظاماً
لذلك الأمر " ..ثم أنكبت عليه فاطمة الزهراء باكية حزينة ..ثم أنكبت عليه
مرة أخرى فرحة مبتسمة .. وفيما بعد قالت فاطمة ..في المرة الأولى أخبرني
بإيذان رحيله..وفي الثانية سوف أكون أنا أول من يلحق به..ثم عاد ملك الموت
ثانية قائلاً:" يا محمد ماتأمرنا؟ قال النبي ::ألحقني بربي الأن ..فقال له
::بلى من يومك..فإن ربك مشتاق أليك ولم يتردد عن أحد تردده عنك.. ولم
ينهني عن عملي إلا بإذنك ولكن ساعتك أمامك .. فقال جبريل حزيناً يا رسول
الله:هذا اَخر ما انزل فيه إلى الارض أبداً.. طوي الوحي وطويت الدنيا وما
كان لي في الارض حاجة غيرك.. فقامت عائشة ووضعت رأس الحبيبي وضمته بكل قوة
إلى صدرها .. منخرطة في البكاء المرير..ثم حنت عليه ووضعته على حجرها وبدأ
الحبيب يغيب عنها..حتى يغلب جبينه ترشح وعرق..قالت عائشة فيما بعد ما
رأأيت من إنسان قط كل ذلك العرق .. وما وجدت رائحة شئ أطيب منه.. فإذا ما
أفاق تقول له : بأبي أنت وأمي ونفسي وأهلي ما تلقي جبهتك من الرشح..فقال
لها النبي :" أن نفس المؤمن تخرج بالرشح ونفس الكافر تخرج من شدقيه كنفس
الحمار".. ثم أرتعدوا جميعاً وطلبوا الأستغاثة بأصحابه.. حيث كان يردد
مابين تلك الإغماءات والإفاقات كلمة واحدة "الرفيق الأعلى" ثم كلمة أخرى
تبقى من نفس أخير متقطع "الصلاة الصلاة إنكم لا تزالون متماسكين ما صليتم
جميعاً الصلاة .. الصلاة ..حتى خرج اَخر نفس ..وفجأة وجدت عائشة أن رأس
النبي يثقل حجرها ..نظرت إلى وجهه الشريف فإذا بصره قد شخص .. وفاضت روحه
..صرخت باكية وهي تقول خيرت فأخترت والذي بعثك بالحق .. ولم تستطع أن تكتم
صرختها .. كانت صرخات فزعة ..ملتاعة..قائلة :وامحمداه .. واحمداه..مات
رسول الهه مابين ارتفاع الضحى وانتصاف النهار من يوم الاثنين
..
كانت وفاة النبي حدثاً أطاح بعض العقول
الراجحة..فهذا عمر بن الخطاب يخرج على الناس شاهراً سيفه مهدداً بقتل كل
من يقول أن الرسول قد مات: وأخذ يكلم نفسه:هناك منافقون يزعمون ان رسول
الله قد مات..ولكنه لم يمت..قد انتقل....ذهب مثل موسى ثم رجع إلى قومه بعد
أربعين ليلة ..والله ليرجعن رسول الله..وأقبل أبو بكر الصديق مهرولاً..دخل
على رسول الله.. وجده مسجياً في ناحية البيت عليه برد حبره..دخل مصلياً
ومسلماً عليه وعيناه تنهمران بالدموع.. وصوته ينتحب.. يجهش بالبكاء..ثم
أنكب على جسده الطاهر ..كشف وجهه..قبل جبينه وخديه ومسح وجهه الشريف وأخذ
يبكي ويقول بأبي أنت وأمي ونفسي وأهلي ماأطيبك حياً وميتاً..أنقطع لموتك
ما لم ينقطع لموت أحد من الأنبياء فعظمت عن الصفة وجللت عن البكاء.. ولولا
ان بكائك اختيار منك لجدنا لحزنك بالنفوس.. ولولا انك نهيت عن البكاء
لأنفدنا عليك من العيونفأما ما لا نستطيع نفيه عنا فكمد وكدر محالفان لا
يبرحان اللهم فأبلغه عنا..ثم رد الثوب على وجهه الشريف وخرج.. ونادى
الصديق في الناس وهو يقول:" من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان
يعبد الله فإن الله حي لا يموت " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل
أفإن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم ".."إنك ميت وإنهم ميتون" " كل شئ
هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون " .. عندها فقط أفاق عمر رضي الله
عنه.. شعر أنه يسمع هذه الايات لاول مرة .. ثم وقع على الارض . وقال
ودموعه تهطل وتهطل حتى بللت لحيته:"إنا لله وإنا إليه راجعون ".."..
....وهذه فطمة الزهراء لا تكف عن البكاء والعويل على ابيها .ز وتقول
وابتاه..أجاب رباه.. الفردوس مأواه.. رغم ان النبي صلي الله عليه وسلم
أخبرها بأقتراب أجله وأنها ستكون ألحق أهل بيته به .. إلا ان بكائها عليه
لم يتوقف حتى رحل إليه .. فكانت من أشهر البكائين الخمسة في تاريخ الإسلام
.. ثم جاء بلال حزيناً ممزقاً ومر عليه كعادته في اليوم 13 لمرضه ولكن هذه
المرة حين نظر إلى الباب الذي كان يقرعه قبل ذهابه لاَذانات الصلاة ..
فكان موصداً ..لن يخرج النبي ..لن يصلي بالمسلمين ثانية .. فسار بلال
منتحباً ..صارخاً ..ثم قام بالتكبير وعند الشهادتين بكى وبكى مع كل
المهاجرين والأنصار كلهم في نفس واحد وقلب واحد في حزن وفي لحظة ما أقواها
وأقساها عليهم ..في توحد كان حلماً للمصطفى صلى الله عليه وسلم .. كانت
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حدثاً جللاً أدرك العارفون أنه لم يعد لأهل
الدنيا من حمي من عذاب الله إلا الاستغفار وحده.. إذ يقول الله عز وجل في
كتابه العزيز :" وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم
يستغفرون ".. وعندما وورى النبي صلى الله عليه وسلم الثرى شرفت الأرض
بإحتضان جثمانه الطاهر ..
وأنشد شاعراً فيما بعد قائلاً "
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه..... فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه.....فيه العفاف وفيه الطهر والكرم
وإذال كان تراب الارض قد طاب وتبرك بجسده الشريف تحت الارض .. فإن امته لا
تزال تنال بركته فوق الارض .زفإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد مات
..لأن الله قد كتب عليه الموت..كما كتبه على سائر خلقه.. فإن هناك أحاديث
تؤيد وتؤكد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم .ز حي في قبر الشريف.. حياة
رزخية ..لا يعلم سرها وطبيعتها إلا الله سبحانه وتعالى ..بدليل أننا نسلم
عليه في صلاتنا( التشهد).. ولا يسلم على ميت .. في حديثه الشريف صلى الله
عليه وسلم :" ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله علي روحي فأرد عليه السلام
".. وفي رواية ..:" إن لله ملائكة سياحين في الارض يبلغوني عن أمتي السلام
"..وفي حديث اَخر :" تعرض أعمالكم علي..قالوا : كيف تعرض أعمالنا عليك
يارسول الله ةقد أرمت ((بليت)) ؟فقال صلى الله عليه وسلم :إن الله حرم على
الأرض أجساد الأنبياء .."..وإذا كان صلى الله عليه وسلم خيراً لأمته في
حياته ..فهو خيراً لامته أيضاً بعد وفاته.. ففي الحديث السابق أنه تعرض
عليه الأعمال ..يشكر الله عندما تكون أعمالهم صالحة .. ويستغفر لهم الله
إذا كانت أعمالهم طالحة .. وفسر بعض الشيوخ قول الله تعالى :" وصل عليهم
إن صلاتك سكناً لهم " ..إن هذه الصلاة المحمدية _حياتية وبرزخية؟ قائمة
إلى يوم القيامة
حقاً لا يزال قبره الشريف (الروضة الشريفة)
مكاناً تحن إليه قلوب المؤمنين وترنو إليه عيون الصالحين وتحج إليه جموع
المسلمين .ز ومقامه الشريف لا يعرف قدره إلا الله وبعض العارفين والصديقين
من عباده .. إذ يقول صلى الله عليه وسلم " لا يعرف قدري إلا ربي"..وعند
قبره الشريف تنزل السكينة وتحل البركات .. ويستجيب الله الدعوات وتعم
الخيرات..فطوبى لمن كان له شرف زيارة قبره الشريف .. وطوبى لمن كان له شرف
رؤيته في منامه ..فالشيطان لا يتمثل به .. وطوبى لمن سار على نهجه وسنته
صلى الله عليه وسلم ..
لقد كان في حياة النبي وسيرته القدوة والمثل الاعلى في كل صفة كريمة يتحلى
بها الانسان على مر العصور والازمان .. ففي خلقه الرأفة والرحمة والقوة
والايمان والعدل والزهد ..صفات ما احوج البشر اليها في هذا الزمان الملئ
بالظلم والجور والبغض والكراهية .. كي يقيموا العدل وينشروا الرحمة .. وكم
نتوق الى الاقتداء والتأسي بخلقك العظيم وسماحتك وعفوك عمن اَذوك يارسول
الله .. كم نحتاج الى خلقك وكتابك وسنتك كي تطهر لنا دنيانا التي تلوثت
ببعظيم الخطايا وكبائر الاَثام ..كم نحتاجك لتنشر بيننا الحب والوئام
والسلام..
يا ربنا .. يارب محمد .. حفظناك في الدنيا.. حين
نتنفس عبير الإيمان بك .. ونتنسم بنور وجهك ونحن نستغفرك..نتغذى بذكرك
ونحن نصلي على حبيبك صلى الله عليه وسلم.. يا رب محمد .. يارب الجنة
والنار .. يارب النبيين و الأخيار .. يارب الصديقين والأبرار ..يا من لا
يعجزه قهر الجبابرة ولا يعظم عليه هلاك الأكاسرة ..اللهم الرحمة لنا
وأهلينا ولفلذات أكبادنا.. إلهي نسألك الامان الامان في ظلمة القبر وضيقه
..إلهي الأمان الأمان عند سؤال منكر ونكير وهيئتهما .. إلهي الامان الامان
في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ..إلهي الامان الامان عند وحشة القبر
وشدته.. إلهي الامان الامان يوم ينفخ في الصور ..يوم تزلزل الارض
زلزالها..يوم تشقق السماء بالغمام ..إلهي الامان الامان ..يوم تطوى السماء
كطي السجل للكتب..إلهي الامان الامان يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات
..إلهي الامان الامان يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر ياليتني
كنت ترابا ..إلهي الامان الامان يوم ينادي المنادي من تحت العرش :أين
العاصون ..أين الذنبون..أين الخاسرون..؟هلموا إلى الحساب!..إلهي اَََه من
كثرة الذنوب والعصيان ..اَه من كثرة الظلم والجفاء..اَه من نفس مطرود..اَه
من نفسي المطبوع بالهوى من الهوى ..يا غياث المستغيثين أغثني عندتغير
أحوالنا ..فأنا عبدك المذنب المخطئ..أجرني من النار ..اللهم إن ترحمنا
فأنت أهل وإن تعذبنا فنحن أهل ..فأرحمنا فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة
..يا خير الغافرين..
اللهم بحق نور الورى ..ومن كان قاب قوسين أو أدنى ..محمد صاحب الثقلين
ونبي الرحمة وإمام القبلتين .. وجد السبطين وشفيع من في الدارين ..و حبيب
رب المشرقين والمغربين ..وصاحب الجمعة والعيدين ..أغثنا وأقبل دعوتنا بحق
الرسول الكريم وشفيعنا الرحيم ..يا رسول الله نناديك وتفيض أعيننا من
الدمع كم نتوق إلى لقائك عند الحوض المورود في جنات العلى عند رب العالمين
..فإذا كنا لا نتمنى الموت :" ولا تتمنوا الموت "..إلا أننا راغبون لرؤية
نور وجهه العظيم الذي أشرقت به الظلمات وصلح عليه أمر العباد ..اللهم لا
تحرمنا في الدنيا من رؤيته ولا تحرمنا يوم القيامة من شفاعته ..وحتى نلقاك
يا خير خلق الله .. لك منا الصلاة والسلام عليك وعلى اَل بيتك الكرام
..كلما ذكر ربك الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون...
اَمين يارب العالمين
السماء واستبشرت له الملائكة وتبركت به الخلائق وكان يوم وفة النبي صلى
الله عليه وسلم حدثاً بكت من أجله الدنيا و حزنت عليه الخلائق في الأرض
والملائكة في السماء ..كانت وفاة النبي خبراً زلزل الدنيا وهز الأفلاك.
خبراً انقطعت به رسالات السماء إلى أهل الارض..خبراً أبت الاَذان أن تسمعه
والعقول أن تصدقه والألسنة أن تنطق به وتتناقله ..خبراً أبكى العيون وأدمى
القلوب وأطاح العقول ..خبراً خارت به العزائم وثقلت به الأفئدة ..كان
رحيله صلى الله عليه وسلم مصيبة كبرى عمت ليس بالمسلمين فحسب بل بأهل
الارض جميعاً ..إذ كان النبي بركة ورحمة للعالمين ..وما أرسلناك إلا رحمة
للعالمين..وبشرى وهداية للإنسانية كلها ..فهو خاتم النبيين والمرسلين..
فبعد أداء النبي صلى الله عليه وسلم لحجة الوداع نزل قول الله تعالى :"
اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" بدأت
نوبات المرض .. مرض سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ..حيث كانت تأتيه
نوبات حمى عنيفة تهز جسده الشريف.. هزاً يقول عنه لصحابته ورفاقه الكرام
:" إني لأعوك كما يوعك رجلان منكم".. إذ كانت شدة الام المرض على النبي
تفوق قوة الرجل العادي في الاحتمال .. وضرب النبي القدوة في مدى تحمله
للمرض والصبر عليه .. والاستسلام لقضاء الله والفرح بلقائه .. بعد ذلك نزل
قول الله تعالى :"إذا جاء نصر الله والفتح .." فإذا برسول الله يقول
لأصابه :" عبد خير بين أمرين ما عندكم وما عند الله فاختار ما عند الله
".. ففرح الصحابة ..إلا ان الصديق أبا بكر قد بكى .. فقالوا : أتبكي لأن
رسول الله خير بين أمرين .. فقال: والله أنه لنعي الله لرسوله.. " وبدأ
الألم يشتد على الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وسلامه ..ذلك الألم
الملعون الذي كان يعاوده من حين لاَخر منذ غزوة خيبر (لقمة خيبر المسمومة
).. التي كانت قد قدمتها له المرأة اليهودية أيام كانت بالمدينة .. حيث
أنطقها الله الذي أنطق كل شئ..فحين هم الرسول بأكلها ..قالت له :" لا
تأكلني يارسول الله لأني مسمومة " .. ورغم أن النبي قد لفظها فوراً .. ولم
تدخل فمه..إلا أنها للأسف قد لامست شفتيه الشريفتين.. وسرى القليل من السم
إلى جسده الشرف ..ومنذ ذلك الحين كان يعاوده الألم الذي قد كان قد ألم به
لسنوات قليلة قبل وفاته.. ففي مثل هذا الوقت من كل عام .. كانت تعاوده تلك
الالام .. حيث كانت تتقلب عليه نوبات الحمى المتقطعة ..إذ كان يقول بكل
حزن في كل مرة مع ذلك الالم :"يا عائشة إنها لقمة خيبر ".... إلا انه كان
يمتثل بدعائه لربه :" إن لم يكن بك سخط علي فلا أبلي ".. فكان من دواعي
ذلك إنزال الصبر في قلبه ليشتد ساعده في تبليغ دعوة ربه للناس .. ولذلك
قال بعض العلماء والأئمة بأن الله ما حرم رسوله الكريم من الشهادة عولوا
مرضه وموته على " لقمة خيبر "..
ويا عجباه .. يا ويلاه على من يتجرأ .. تسول له نفسه الكافرة .. بإلحاق
الأذى برسول الله .. حبيبي الرحمن وشفيعنا يوم العرض عليه يوم الدين
..سواء بالسحر أو بالسم .. فإذا كان السحرة ووكلاؤهم تنحشر أرواحهم في
حلوقهم فلا تفيض ولن تتوقف صرخاتهم ولن تخمد اّلامهم .. إلا بعد طلب العفو
والسماح عما أقترفوه في حق المتضررين من أذاهم بما حرم الله .. حيث كانوا
لا يعلمون بأن أعمارهم قد سرقت .. أغتيلت .. ما بين المرض والهم والغدر
والكدر .. إلا عندما يعترف هؤلاء السحرة ووكلاؤهم .. لحظة الاستغاثة
بهؤلاء المتضررين .. للصفح عنهم حتى تخرج أرواحهم المعلقة انتقاماً منهم
في الدنيا قبل الاَخرة بما في ذلك من فضحهم بسحرهم :" اليوم ننجيك ببدنك
لتكون لمن خلفك اّية "..
وإذا كان الله يتوعد من يقتلون النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ..
وحرم قتلها بأي صورة من صور الإيذاء .. بالسحر أو بالسم أو بغيرهما ..فهو
القائل سبحانه :" من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساًبغير
نفس أو فساداً في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا
الناس جميعا.."(المائدة الاَية 32).. "إن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات
بغير ما اكتسبوا فقد أحتملوا بهتانا و أثما مبينا" ( الأحزاب الاية 58 )..
فما بالنا بمن تجرءوا على إيذاء الرسول الكريم .. حبيب الرحمن .. رحمة
العالمين .. في الدنيا والاَخرة ::" إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم
الله في الدنيا والاخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً"( الاحزاب الاَية 57).."
إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فساداً أن يقتلوا أو
يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في
الدنيا ولهم فبي الاَخرة عذاب عظيم"( المائدة الاَية 33)..
جاءت وفاة النبي في ذلك اليوم الحزين .. بعد 63
عاما حافلة بحب الله و 40 منهم ايمانا خالصاً بالفطرة و 23 عاما بالنبوة
العامرة بالايمان واليقين والبرهان ,برحته المهداة للعالمين إلى ان تقوم
الساعة ..كان صلى الله عليه وسلم عاصباً رأسه دوماًمن شدة الالم الذي
يتألم منه .. كان يحارب من اجل خلوته بحبيبه سبحانه وتعالى حتى اخر لحظة
من عمره.. وذلك بالصلاة..إلا انه مع تزايد الالم..إزدادت نوبات الاغماء ..
وحين كان يفيق منها ولا يستطيع ان يقوم للوضوء والصلاة.. كان يدعو
متألماً:" اللهم أعني على سكرات الموت"و كان إذا نظر للسيدة عائشة .. تدمع
عيناه ويقول لها ولمن حولها ..:"أوصيكم بتقوى الله وعبادته.. وقد دنا
الأجل فقرءوا على انفسكم وعلى من دخل في دينكم السلام ورحمة الله .."حتى
جبريل عليه السلام قد قال له عند موتهصلى الله عليه وسلم أن الله قد قال
له :" بشر حبيبي أني لا أخذله في أمته .. وبشره أن الجنة محرمة على الأمم
حتى تدخلها أمته .. فقال الرسول الان قرت عيني .."ثم دخل عليه الفضل بن
العباس وقال سائلاً النبي رأيت مناماً "أن القمر قد صعد إلى السماء" فقال النبي صلى الله عليه وسلم .. هو معناه أن الوقت أقترب وأن ساعة موتي قد أقتربت واني سأموت ".
وعندما أشتدت نوبات الالم على النبي صلى الله عليه وسلم وبدأت تغيبه عن
الوعي لفترات أطول .. دخل عليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه حزيناً.. لا
يسمع صوته من كثرة نحيبه وبكائه على حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم ..
يشعر النبي أن أبا بكر يريد أن يسأل شيئاً لكنه لا يتحرج فيه ..فيقول له
النبي صلى الله عليه وسلم : سل يا أبا بكر فقال الصديق:" يا رسول الله دنا
الأجل ؟ فقال النبي قد دنا الأجل..فقال الصديق ليهنك يا نبي الله ما عند
الله فليت شعري عن منقلبنا .. فقال النبي إلى الله..إلى سدرة المنتهى
..إلى جنة الأوى والفردوس الأعلى ..ثم سأل الصديق باكياً:" يا رسول الله
من يلي غسلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم :رجال من أهل بيتي الأدنى
فالأدنى ..يقصد علياً رضي الله عنه..فقال الصديق يا حبيبي يا رفيق عمري
..ففيما نكفنك؟قال ثيابي هذهوفي حلة يمانية وفي بياض مصر ..فسأل الصديق
وقد أحتبس صوته بالبكاء : كيف الصلاة عليك منا يا حبيبي؟ وإذا بهم جميعاً
يبكون ..وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يقطع صمتهم :مهلاً غفر الله لكم
وجزاكم عن نبيكم خيراً.. إذا غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري في بيتي
هذا على شفير قبري ثم أخرجوا عني ساعة فإن أول من يصلي عليا هو الله عز
وجل ..ثم الملائكة وأول من يدخل علي جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم ملك
الموت وجنوده ثم الملائة جميعاً..ثم أنتم فأدخلو فصلوا علي زمرة زمرة
وسلموا تسليماً ولا تؤذوني بتزكية ولاصيحة ولارنة ..وليبدأ منكم الإمام
وأهل بيتي الأدنى فالآدنى ثم زمر النساء ثم زمر الصبيان ..فقال الصديق فمن
يدخل القبر يا رسول الله؟..قال النبي زمر من أأهل بيتي مع ملائكة كثيرة لا
ترونهم ويرونكم قوموا فأدوا عني إلى من بعدي ..
وفي صبيحة ذلك اليوم اليتيم.. كان سيد الخلق
أجمعين أكثر خفة.. فبدا وكأنه أفضل حالاً..فتفرق الرجال إلى منازلهموأخلوا
رسول الله عليه الصلاة والسلام بالنساء في حالة من الرجاء والفرح حتى
أستأذن عليهم ملك الموت بالدخول..حيث كان رأسه صلى الله عليه وسلم في حجر
السيدة عائشة .. فتنحت جانباً..وخرج من البيتحيث أمر صلى الله عليه وسلم
.. وناجى ذلك الملك طويلاً حتى خرج..فقال النبي لعائشة إن ذلك هو ملك
الموت ..جاء فقال لى إن الله عز وجل أرسلني وأمرني أن لا أدخل عليك إلا
بإذن فإن لم تأذن لي أرجع ..وإن أذنت قبضت روحك..كم هو مشتاق إليك ..فقلت
له:"أكففت عني حتى يأتي جبريل..
وجاء جبريل وقال له:"إن الله عز وجل يقرئك السلام وكيف تجدك وهو أعلم
بالذيتجد منك ولكن أراد أن يزيدك كرما وشرفاويتم كرامتك وشرفك على الخلق
وأن تكون سنة في أمتك فقال له النبي :أجدني وجعاً فقال جبريل :أبشر فإن
الله أراد أن يبلغك ما أعد لك فقال يا جبريل إن ملك الموت استأذن على
وأخبره الخبر.. فقال جبريل يا محمد إن ربك مشتاق أليك ألم يعلمك والذي بين
يديه والله مااستأذن على أحد.. ولا استأذن أبدا.. إن ربك يتم شرفك فهو
إليك مشتاق ..فقال له لا تبرح إذن حتى يجئ..ثم أقتربت منه عائشة ..فأخبرها
بما حدث.. ثم أذن للأخريات بالدخول ثانية .. وتوقف الكلام من عائشة
والمحيطين فكان صمت وزهول للحظات ولكنها دهراً ثقيلاً..حيث قالتعائشة فيما
بعد:"وكأنما ضربتا بصاخة ما يخير إليه شيئاً لم يتكلمأحد منهم إعظاماً
لذلك الأمر " ..ثم أنكبت عليه فاطمة الزهراء باكية حزينة ..ثم أنكبت عليه
مرة أخرى فرحة مبتسمة .. وفيما بعد قالت فاطمة ..في المرة الأولى أخبرني
بإيذان رحيله..وفي الثانية سوف أكون أنا أول من يلحق به..ثم عاد ملك الموت
ثانية قائلاً:" يا محمد ماتأمرنا؟ قال النبي ::ألحقني بربي الأن ..فقال له
::بلى من يومك..فإن ربك مشتاق أليك ولم يتردد عن أحد تردده عنك.. ولم
ينهني عن عملي إلا بإذنك ولكن ساعتك أمامك .. فقال جبريل حزيناً يا رسول
الله:هذا اَخر ما انزل فيه إلى الارض أبداً.. طوي الوحي وطويت الدنيا وما
كان لي في الارض حاجة غيرك.. فقامت عائشة ووضعت رأس الحبيبي وضمته بكل قوة
إلى صدرها .. منخرطة في البكاء المرير..ثم حنت عليه ووضعته على حجرها وبدأ
الحبيب يغيب عنها..حتى يغلب جبينه ترشح وعرق..قالت عائشة فيما بعد ما
رأأيت من إنسان قط كل ذلك العرق .. وما وجدت رائحة شئ أطيب منه.. فإذا ما
أفاق تقول له : بأبي أنت وأمي ونفسي وأهلي ما تلقي جبهتك من الرشح..فقال
لها النبي :" أن نفس المؤمن تخرج بالرشح ونفس الكافر تخرج من شدقيه كنفس
الحمار".. ثم أرتعدوا جميعاً وطلبوا الأستغاثة بأصحابه.. حيث كان يردد
مابين تلك الإغماءات والإفاقات كلمة واحدة "الرفيق الأعلى" ثم كلمة أخرى
تبقى من نفس أخير متقطع "الصلاة الصلاة إنكم لا تزالون متماسكين ما صليتم
جميعاً الصلاة .. الصلاة ..حتى خرج اَخر نفس ..وفجأة وجدت عائشة أن رأس
النبي يثقل حجرها ..نظرت إلى وجهه الشريف فإذا بصره قد شخص .. وفاضت روحه
..صرخت باكية وهي تقول خيرت فأخترت والذي بعثك بالحق .. ولم تستطع أن تكتم
صرختها .. كانت صرخات فزعة ..ملتاعة..قائلة :وامحمداه .. واحمداه..مات
رسول الهه مابين ارتفاع الضحى وانتصاف النهار من يوم الاثنين
..
كانت وفاة النبي حدثاً أطاح بعض العقول
الراجحة..فهذا عمر بن الخطاب يخرج على الناس شاهراً سيفه مهدداً بقتل كل
من يقول أن الرسول قد مات: وأخذ يكلم نفسه:هناك منافقون يزعمون ان رسول
الله قد مات..ولكنه لم يمت..قد انتقل....ذهب مثل موسى ثم رجع إلى قومه بعد
أربعين ليلة ..والله ليرجعن رسول الله..وأقبل أبو بكر الصديق مهرولاً..دخل
على رسول الله.. وجده مسجياً في ناحية البيت عليه برد حبره..دخل مصلياً
ومسلماً عليه وعيناه تنهمران بالدموع.. وصوته ينتحب.. يجهش بالبكاء..ثم
أنكب على جسده الطاهر ..كشف وجهه..قبل جبينه وخديه ومسح وجهه الشريف وأخذ
يبكي ويقول بأبي أنت وأمي ونفسي وأهلي ماأطيبك حياً وميتاً..أنقطع لموتك
ما لم ينقطع لموت أحد من الأنبياء فعظمت عن الصفة وجللت عن البكاء.. ولولا
ان بكائك اختيار منك لجدنا لحزنك بالنفوس.. ولولا انك نهيت عن البكاء
لأنفدنا عليك من العيونفأما ما لا نستطيع نفيه عنا فكمد وكدر محالفان لا
يبرحان اللهم فأبلغه عنا..ثم رد الثوب على وجهه الشريف وخرج.. ونادى
الصديق في الناس وهو يقول:" من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان
يعبد الله فإن الله حي لا يموت " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل
أفإن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم ".."إنك ميت وإنهم ميتون" " كل شئ
هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون " .. عندها فقط أفاق عمر رضي الله
عنه.. شعر أنه يسمع هذه الايات لاول مرة .. ثم وقع على الارض . وقال
ودموعه تهطل وتهطل حتى بللت لحيته:"إنا لله وإنا إليه راجعون ".."..
....وهذه فطمة الزهراء لا تكف عن البكاء والعويل على ابيها .ز وتقول
وابتاه..أجاب رباه.. الفردوس مأواه.. رغم ان النبي صلي الله عليه وسلم
أخبرها بأقتراب أجله وأنها ستكون ألحق أهل بيته به .. إلا ان بكائها عليه
لم يتوقف حتى رحل إليه .. فكانت من أشهر البكائين الخمسة في تاريخ الإسلام
.. ثم جاء بلال حزيناً ممزقاً ومر عليه كعادته في اليوم 13 لمرضه ولكن هذه
المرة حين نظر إلى الباب الذي كان يقرعه قبل ذهابه لاَذانات الصلاة ..
فكان موصداً ..لن يخرج النبي ..لن يصلي بالمسلمين ثانية .. فسار بلال
منتحباً ..صارخاً ..ثم قام بالتكبير وعند الشهادتين بكى وبكى مع كل
المهاجرين والأنصار كلهم في نفس واحد وقلب واحد في حزن وفي لحظة ما أقواها
وأقساها عليهم ..في توحد كان حلماً للمصطفى صلى الله عليه وسلم .. كانت
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حدثاً جللاً أدرك العارفون أنه لم يعد لأهل
الدنيا من حمي من عذاب الله إلا الاستغفار وحده.. إذ يقول الله عز وجل في
كتابه العزيز :" وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم
يستغفرون ".. وعندما وورى النبي صلى الله عليه وسلم الثرى شرفت الأرض
بإحتضان جثمانه الطاهر ..
وأنشد شاعراً فيما بعد قائلاً "
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه..... فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه.....فيه العفاف وفيه الطهر والكرم
وإذال كان تراب الارض قد طاب وتبرك بجسده الشريف تحت الارض .. فإن امته لا
تزال تنال بركته فوق الارض .زفإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد مات
..لأن الله قد كتب عليه الموت..كما كتبه على سائر خلقه.. فإن هناك أحاديث
تؤيد وتؤكد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم .ز حي في قبر الشريف.. حياة
رزخية ..لا يعلم سرها وطبيعتها إلا الله سبحانه وتعالى ..بدليل أننا نسلم
عليه في صلاتنا( التشهد).. ولا يسلم على ميت .. في حديثه الشريف صلى الله
عليه وسلم :" ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله علي روحي فأرد عليه السلام
".. وفي رواية ..:" إن لله ملائكة سياحين في الارض يبلغوني عن أمتي السلام
"..وفي حديث اَخر :" تعرض أعمالكم علي..قالوا : كيف تعرض أعمالنا عليك
يارسول الله ةقد أرمت ((بليت)) ؟فقال صلى الله عليه وسلم :إن الله حرم على
الأرض أجساد الأنبياء .."..وإذا كان صلى الله عليه وسلم خيراً لأمته في
حياته ..فهو خيراً لامته أيضاً بعد وفاته.. ففي الحديث السابق أنه تعرض
عليه الأعمال ..يشكر الله عندما تكون أعمالهم صالحة .. ويستغفر لهم الله
إذا كانت أعمالهم طالحة .. وفسر بعض الشيوخ قول الله تعالى :" وصل عليهم
إن صلاتك سكناً لهم " ..إن هذه الصلاة المحمدية _حياتية وبرزخية؟ قائمة
إلى يوم القيامة
حقاً لا يزال قبره الشريف (الروضة الشريفة)
مكاناً تحن إليه قلوب المؤمنين وترنو إليه عيون الصالحين وتحج إليه جموع
المسلمين .ز ومقامه الشريف لا يعرف قدره إلا الله وبعض العارفين والصديقين
من عباده .. إذ يقول صلى الله عليه وسلم " لا يعرف قدري إلا ربي"..وعند
قبره الشريف تنزل السكينة وتحل البركات .. ويستجيب الله الدعوات وتعم
الخيرات..فطوبى لمن كان له شرف زيارة قبره الشريف .. وطوبى لمن كان له شرف
رؤيته في منامه ..فالشيطان لا يتمثل به .. وطوبى لمن سار على نهجه وسنته
صلى الله عليه وسلم ..
لقد كان في حياة النبي وسيرته القدوة والمثل الاعلى في كل صفة كريمة يتحلى
بها الانسان على مر العصور والازمان .. ففي خلقه الرأفة والرحمة والقوة
والايمان والعدل والزهد ..صفات ما احوج البشر اليها في هذا الزمان الملئ
بالظلم والجور والبغض والكراهية .. كي يقيموا العدل وينشروا الرحمة .. وكم
نتوق الى الاقتداء والتأسي بخلقك العظيم وسماحتك وعفوك عمن اَذوك يارسول
الله .. كم نحتاج الى خلقك وكتابك وسنتك كي تطهر لنا دنيانا التي تلوثت
ببعظيم الخطايا وكبائر الاَثام ..كم نحتاجك لتنشر بيننا الحب والوئام
والسلام..
يا ربنا .. يارب محمد .. حفظناك في الدنيا.. حين
نتنفس عبير الإيمان بك .. ونتنسم بنور وجهك ونحن نستغفرك..نتغذى بذكرك
ونحن نصلي على حبيبك صلى الله عليه وسلم.. يا رب محمد .. يارب الجنة
والنار .. يارب النبيين و الأخيار .. يارب الصديقين والأبرار ..يا من لا
يعجزه قهر الجبابرة ولا يعظم عليه هلاك الأكاسرة ..اللهم الرحمة لنا
وأهلينا ولفلذات أكبادنا.. إلهي نسألك الامان الامان في ظلمة القبر وضيقه
..إلهي الأمان الأمان عند سؤال منكر ونكير وهيئتهما .. إلهي الامان الامان
في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ..إلهي الامان الامان عند وحشة القبر
وشدته.. إلهي الامان الامان يوم ينفخ في الصور ..يوم تزلزل الارض
زلزالها..يوم تشقق السماء بالغمام ..إلهي الامان الامان ..يوم تطوى السماء
كطي السجل للكتب..إلهي الامان الامان يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات
..إلهي الامان الامان يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر ياليتني
كنت ترابا ..إلهي الامان الامان يوم ينادي المنادي من تحت العرش :أين
العاصون ..أين الذنبون..أين الخاسرون..؟هلموا إلى الحساب!..إلهي اَََه من
كثرة الذنوب والعصيان ..اَه من كثرة الظلم والجفاء..اَه من نفس مطرود..اَه
من نفسي المطبوع بالهوى من الهوى ..يا غياث المستغيثين أغثني عندتغير
أحوالنا ..فأنا عبدك المذنب المخطئ..أجرني من النار ..اللهم إن ترحمنا
فأنت أهل وإن تعذبنا فنحن أهل ..فأرحمنا فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة
..يا خير الغافرين..
اللهم بحق نور الورى ..ومن كان قاب قوسين أو أدنى ..محمد صاحب الثقلين
ونبي الرحمة وإمام القبلتين .. وجد السبطين وشفيع من في الدارين ..و حبيب
رب المشرقين والمغربين ..وصاحب الجمعة والعيدين ..أغثنا وأقبل دعوتنا بحق
الرسول الكريم وشفيعنا الرحيم ..يا رسول الله نناديك وتفيض أعيننا من
الدمع كم نتوق إلى لقائك عند الحوض المورود في جنات العلى عند رب العالمين
..فإذا كنا لا نتمنى الموت :" ولا تتمنوا الموت "..إلا أننا راغبون لرؤية
نور وجهه العظيم الذي أشرقت به الظلمات وصلح عليه أمر العباد ..اللهم لا
تحرمنا في الدنيا من رؤيته ولا تحرمنا يوم القيامة من شفاعته ..وحتى نلقاك
يا خير خلق الله .. لك منا الصلاة والسلام عليك وعلى اَل بيتك الكرام
..كلما ذكر ربك الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون...
اَمين يارب العالمين
» فتاه عزباء تنام مع شاب ليله كامله فى غرفه واحده
» انا جيييت نورت المنتدى
» (ساقطون بالخط العريض)
» الْحَيــَـآهـ مَدْرَسَهْـ وَالْج ـــرْح أَحَد فُصُولَهَا
» النساء اولاً
» تمسك بخيوط الشمس
» بصمات تبكيني دما لا دمعا
» قصة الفيلسوف والديك